الجمعة، 30 نوفمبر 2018

مرحبا بنفسي! (قصة قصيرة)

مرحبا بنفسي! 
قصة قصيرة من تأليف: حمزة رحال
طالب سنة ثالثة تعليم إبتدائي

"إن شعرت يوما أنك كيس بلاستيكي ينتظر هبوب الرياح مرة أخرى لا بأس ..."
إن شعرت أنك رقيق كبيت من ورق اللعب تصرخ عميقا ولا أحد ينصت فلا بأس..."
"إن كان الثاني والعشرين من ديسمبر والطقس بارد لا بأس أيضا..."
" وإن شعرت أنك منهك لا تملك القوة لتنهض... لا بأس فمن المحتمل أنني سأراك تبتسم مجددا"
" إن لم تجد من يقول لك لا تبكي ويخبرك بأنه يمكنك فعلها لا عليك "
"أنت في الثامنة عشر من عمرك ولا بأس إن تأذيت لكن تذكر العالم مليء بالسيئين وأن صورته المثالية التي
رسمتها في صغرك حوله ستتغير ".

ربيع 2005
الفلبين : إقليم ليت

بعيدا في قرية تفتقر لأدنى متطلبات الحياة ، مَيْتمُ - ريبن - حيث براءة الأطفال ولعبهم يُنسيهم ألم الفقر، وإذا أمعنت النظر في إحدى الزوايا ترى طفلا نحيل الجسد أبيض البشرة يمتلك عينان براقتان، وملامح لا تدل على أنه فيليبيني، تنادي مسؤولة
الميتم ...

-"كيم يون .. ماذا تفعل هناك ! تعال لتناول الغذاء".

خطف ذلك النداء هدوء كيم يون وذهب مسرعا لتناول وجبة الغذاء ...كانت الحياة مملة في تلك المنطقة، و كيم يون ينمو بين أصدقائه في الميتم. يعملون في سن صغيرة لكسب قوتهم لأن الميتم أهمل ولم يعد يتلقى إعانات. 

كبر كيم يون ليصبح في الثامنة من عمره، كان غالبا ما يجلس على ضفاف الأنهار مستمتعا بالأنغام التي تعزفها الطبيعة. كان يمتاز بقدرته على تمييز الأصوات
فكان يذهب للكنيسة يُمتّع سمعه بترانيم الكنيسة التي ينشدونها ثم تعلم عزف على آلة الكلارينيت من جارهم العجوز رولاندو. كان كذلك يركب القطار بطرق غير مشروعة ليذهب وأصدقائه للمدينة ليقدموا عروضا موسيقية يجنون من خلالها بعض
العملات التي لا تتعدى عشرة بيسو.

بينما يون راجع للميتم واضعا خطوته الأولى داخله .يسمع صوت المربية ...
-" آه حسنا ... بشأن وثائق وون لا تقلق سيكون كل شيء جاهز خلال شهر... سأتولى الأمر... إلى اللقاء ".
أثار ما قالته حيرته لكنه تظاهر أنه لم يسمع شيئا.
-"عمتي ليندي لقد عدت ..".
-"أهلا الحساء جاهز تعال تناول بعضا منه ".

جلس الاثنان على الطاولة وهي تحدق به ثم تكسر صمتها : "حسنا يون سأخبرك بشيء مهم. بالنسبة لوالدتك قد توفيت بورم في الدماغ وعمرك عام ونصف، حيث تركتك هنا بعد علمها بمرضها في مرحلته المتأخرة، أما والدك فقد كان طبيبا كوريا جاء
في مهمة عندما قدمت كوريا مساعدات للفيليبيين المتضررين من الإعصار. أُعجب بوالدتك و نشأت بينهما علاقة وبذلك تكون أنت ولده.

ومنذ قليل اتصل خادم والدك ليخبرني بأن عليك السفر لكوريا الجنوبية وإكمال حياتك هناك... هذا بأمر من والدك ".
ضرب يون بملعقته على الطاولة دون أن ينطق كلمة وخرج ...

حل اليوم الموعود وتوجه يون للمطار بعد أن ودع كل من أحبهم بكثير من الدموع.

ينزل يون من الطائرة متوقعا حضور والده للقائه، لكن كل أماله تلاشت. سار مع الخادم حتى وصل لمنزل كبير أخبره أنه سيعيش هناك حيث ستعتني به الخادمة. أصبح تعيسا أكثر من السابق بسبب تصرفات والده ... صار يعيش حياته في عناء نفسي ويأخذ دروسا في الموسيقى... أما أباه فأصبح مديرا لمستشفى "روايال" .
يون الآن في السابعة عشر من عمره ...

ربيع 2016 

يون في منزله يعزف على البيانو السيمفونية الكورالية لبتهوفن ثم يتوقف بسبب دخول والده الذي تقدم نحوه ِببرودة واضعا ظرفا.

-"هذه وثائق تسجيلك في ثانوية "هيمانغ" (أشهر ثانويات كوريا)".
-"هل بإمكاني أن طرح سؤالا واحدا ؟ ".
يلتفت والده ثم يكمل يون : " لماذا تستمر في تجاهلي ؟ " .
-" أنت واحد من الأخطاء التي ارتكبتها، فقط أكمل دراستك واصنع مستقبلك كي لا أحس بالذنب أو بالأحرى عش وكأنك ميت فأنت تعرف أنه بالإمكان أن أُرشح وزيرا للصحة، لذلك لا أريد أن يعرف الغير بأمرك. لا أريد فضيحة ".
- " ماذا لو صرحت أنا بأني ابنك ؟".
-"لا تحاول لأنك ستعود حيث تنتمي، ثم انصرفَ ".

استشاط يون غضبا أمام عجزه عن فعل أي شيء. دخل يون الثانوية. تعرض للتنمر بسبب الطبقية التي تعاني منها أغلب المدارس الكورية. فأن تكون طالبا في ثانوية كورية يجب أن تمتلك السلطة، وكون يون مجهول النسب. ذلك التنمر الذي جعله يفر
من الدراسة لحياة الشارع والسرقة.

تم القبض عليه من قبل شرطي بتهمة السرقة لكن لحسن حظه أن الشرطي كان مقدرا لظروفه فعاقبه بالخدمة الاجتماعية لمدة خمسة عشر يوما، وفي نفس الوقت عرض عليه أن يتقدم لشركة " HMV " الترفيهية التي تقدم مسابقة للمواهب.

مرت الأيام ويون ينجز عقوبته. وفي يومه الأخير سمع خطوات خلفه فالتفت لِيرى الشرطي يبتسم ثم يريه ملف قبوله في الشركة ... صار يعمل جاهدا مع الأيام ليصبح "أيدول" ذائع الصيت ومشهورا.
بعدها تلتها فضيحة أبيه بتقديم أدوية منتهية الصلاحية للمرضى في المستشفى وتم القبض عليه بهذه التهمة.

ربيع 2017

وصل موعد محاكمة والد يون و أصدر القاضي حكمه بالسجن لمدة خمس أعوام. بينما هو خارج من المحكمة لنقله للسجن يجد يون بانتظاره. يصرخ والده "بني" فيقترب يون ويهمس في أذنه قائلا :" اخفض صوتك لا أريد فضيحة فقد صرت مشهورا أو بالأحرى عش وكأنك لا تعرفني ".
إذا كانت لديك قصة، خاطرة، قصيدة ... وتريد نشرها في مدونتنا. فقط راسلنا عبر صفحتنا في الفايسبوك ENSC B3


مرحبا بنفسي! (قصة قصيرة)
مرحبا بنفسي! (قصة قصيرة)

إسمي الكامل بلمرابط صلاح الدين. عمري 23 سنة. طالب بالمدرسة العليا للأساتذة، قسنطينة، الجزائر. .


الابتساماتالابتسامات